Social Icons

أزلية الكون ولحظية الوجود وخيال الزمن والماضي!





مجرد وجود شيء في الحاضر، ينفي إمكانية العدم في

الماضي، وهذا باختصار يعني أزلية الكون ..

والأزلية تستوجب انتفاء الماضي، .. أي انتفاء فرضية

الزمن، فحيث إن البداية قد حدثت وهي الحقيقة التي

تتنافى مع مفهوم الأزلية الزمنية، فإن ذلك يعني حُكمًا

بأن الوجود هو فقط حاضر متحول باستمرار إلى

مستقبل، ولا وجود – لا بقاء – لشيء اسمه الماضي ..

كل هذا يعني أن الوجود هو الحاضر دائمًا وأبدًا وفقط!

بإسقاط الأزلية على الواقع، يبدو المشهد كالتالي:

على أساس أن الوجود هو البعض المتشكل من الكون،

فإن الوجود هو الأحداث التي تجري في الكون  في هذه

اللحظة – حيث لا توجد لحظة أخرى في الكون الآن، ..

أي أنه لا توجد ولا يمكن أن توجد في الآن لحظة سابقة

ولا لحظة قادمة، ولا وجود لغير ما هو موجود الآن ..

لاشيء في الكون محجوز بوصفه ماضٍ ..

لاشيء في الوجود متوقف عن التغير يُمثِّل الماضي ..

لا يوجد مخزن في الكون مخصص للمواد المستعملة ..

الوجود مصنع لإعادة تدوير المواد وإظهارها بمظهر

مختلف باستمرار!

الإنسان بوعيه وذاكرته وجد نفسه جزءًا من أحداث

لحظية، تبدو له كشريط متصل بسبب الذاكرة، بينما هي

أحداث جديدة في كل لحظة – لا يوجد غيرها لكي تكون

شريطًا-، أحداث تتعاقب – أحيانًا في شكل مواليد جديدة

بالكامل بحيث يستطيع الإنسان ملاحظتها، وأحيانًا مجرد

تغيرات لا يمكن ملاحظتها بسهولة، وهذه الأخيرة هي

التي تخلق لدى الإنسان شعورًا زائفًا بوجود شيء اسمه

الماضي – شعور باتصال وارتباط اللحظات ببعضها ما

يمنحها شكل الخط الزمني، وهو مجرد شعور لا وجود

طبيعي له!

يكفينا الإحساس بها كإثبات لوجود عملية الشبع، ولسنا

بحاجة لإثبات فلسفي وتشخيص علمي لها ..

كذلك يكفينا الشعور لدحض فكرة الوجود الزمني وإثبات

حقيقة الوجود اللحظي، ولسنا بحاجة لتشخيص علمي

وإثبات فلسفي لها، حيث يمكننا ملاحظة ذلك شعوريًا،

فنحن مهيأون للوجود اللحظي لا للوجود الزمني، بدليل

شعورنا بالملل (الشبع) كلما تشابهت أحداث اللحظات

المتعاقبة وبدت لنا كأنها حدث واحد طويل، .. أي أننا

نرفض لا إراديًا اتصال اللحظات وكأنها خط زمني ..

إذن نحن جزء طبيعي من وجود لحظي ولسنا جزءًا من

وجود زمني كالذي يُرسمه الخيال في الذاكرة أو الذي

يرسمه تشابه الأحداث المتعاقبة في الواقع الخادع!

ما يوجد في مخيلة الإنسان من مستقبل، وما في ذاكرته

من ماضٍ، ليس وجودًا حقيقيًا ..، مجرد وجود خيالي –

وجود بلا مادة ولا أحداث ..،

ما ينقضي من لحظات لا يعود لها وجود هي وأحداثها،

ويبقى الوجود ممثلاً دائمًا بأحداث لحظة الحاضر فقط!

تسجيلاتنا يمكننا دائمًا إعادة مشاهدتها في هذه اللحظة

فقط – هذه اللحظة التي تُمثِّل الحاضر دائمًا وأبدًا!

اللحظة ليست زمنًا، الزمن مجموع لحظات، لكن في

الواقع لا يمكن أن تجتمع لحظات في وقت واحد، وهذا

يعني أن الأساس والموجود بالفعل هي اللحظة وليس

مجموع اللحظات، .. أي أن الموجود الحقيقي ودائمًا هو

حدث لحظي بلا زمن!

قدرة الإنسان على تذكر لحظات مشهد سابق، وتصور

لحظات مشهد قادم، هو ما يجعل لمفهوم الزمن وجودًا

في مخيلة الإنسان، لكن لا وجود له خارجها!

كل شيء يمكن حدوثه أو إحداثه فقط في هذه اللحظة -

لا في لحظة سابقة ولا في لحظة قادمة!

أنا دائمًا هو ما أنا هو في هذه اللحظة – لا وجود الآن

لأنا في لحظة سابقة، ولن أكون "أنا الآن" في أي

لحظة قادمة!

ربما تتضح معالم هذه الصورة أكثر عند تكبيرها، بحيث

تصبح اللحظات بحجم مراحل العمر – التي لا تلتقي

ولا تُسترجع!





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

 
 
Blogger Templates