Social Icons

اللاشعور







يصف اللاشعور العمليات النفسية التي لا يستطيع الإنسان إدراكها من خلال شعوره الظاهر أو من خلال حالته اليقظة أو الصاحية. وعلى الرغم من هذا فإن تصوراتنا و أفكارنا وذكرياتنا ودوافعنا المخزنة في لا شعورنا تؤثر على ردود أفعالنا الواعية أو الشعورية. فخبرة أن النار محرقة على سبيل المثال خبرة مخزونة في لا شعورنا. وهذه المعلومة لا يحتاجها شعورنا الصاحي إلا في الحالات التي نتعرض فيها لخطر الإصابة بحرق ما. فتجدنا نندفع بعيدين عن النار مثلاً.
ويمتلئ اللاشعور بالمحتويات النفسية وطبقاً للمنشأ الذي نشأت منه يتم التمييز في علم النفس بين اللاشعور الشخصي والأسري والجمعي.
فاللاشعور الشخصي يشتمل على كل ما هو مكبوت. وهذا المكبوت عبارة عن الذكريات الطفولية المبكرة. وتظل هذه الذكريات كامنة في اللاشعور ولا يمكن عادة استحضارها إلى الشعور أو إلى الحالة اليقظة. وللاشعور الشخصي في الاضطرابات الرهابية والأمراض النفسية الجسدية أو في قابلية الإنسان للإثارة والتوتر دور مهم.
أما اللاشعور الأسري فيتضمن الرغبات والتوقعات والقيم التي تغرسها فينا الأسرة والمجتمع خلال التنشئة الاجتماعية، دون أن يعي الإنسان ذلك. ومن مثال ذلك "على المرء طاعة والديه" "على المرء أن يساعد الفقراء"، "المنزل الكبير يمنح المرء وجاهة"، وهذه الأمثلة عبارة عن اتجاهات مزروعة فينا أسرياً أو اجتماعياً.
وقد صاغ عالم النفس كارل غوستاف يونغ كذلك مفهوم اللاشعور الجمعي وقصد به ردود الأفعال التي يشترك فيها الناس جميعاً منذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض. فنحن نستجيب للموت بالحزن والبكاء وللولادة بالفرح، وعلى الخطر بالهرب أو الهجوم. وجميع ردود الأفعال هذه لا نتعلمها وإنما تولد معنا، ولكنها كذلك غير موروثة، وإنما منقولة لنا روحياً. ويرى يونغ أن كل إنسان يحمل معه تاريخ كل أجداده الأوائل من خلال التناقل الروحي. ويستشهد يونغ على ذلك من خلال أن جميع الشعوب تمتلك تصورات متشابهة حول السحرة مثلاً أو حول المحاربين العظماء أو الحكماء، ويرى أن هذه النماذج التي نجدها لدى كل الشعوب والتي يطلق عليها تسمية النماذج البدئية أو الأولية هي جزء من اللاشعور الجمعي الذي تشترك فيه البشرية.
اللاشعور عند فرويد: لم تكن طريقة التنويم التي جاء بها برنهايم مجدية سواء في العلاج أو في التنويم، الشيء الذي دفع بفرويد إلى البحث عن وسيلة أخرى للعلاج وانتهى به الأمر إلى اكتشاف التحليل النفسي الذي يقوم على التنويم المغناطيسي على التداعيات الحرة فيما بعد.

افترض فرويد أن هناك نشاطا نفسيا لا شعوريا هو المسبب لبعض الاضطرابات والأمراض الهستيرية، واستطاع أن يؤكد ذلك تجريبيا، حيث لاحظ أن أعراض الاضطرابات الهستيرية يمكن إحداثها وإزالتها عن طريق الإيحاء ألتنويمي، ويستدل عن ذلك بأن الكثير من أعمالنا وميولنا لا تتمتع بشهادة الشعور، وما الأحلام والهفوات وزلات اللسان إلا مصادرا لا تعرف أسبابها، حيث أن تجاربنا الشخصية تبين أن هناك أفكارا تأتينا دون أن نعرف كيف تم إعدادها، وحتى نفهم كل هذه الأمور لابد علينا أن نربطها باللاشعور والاعتراف بأن هناك حياة لا شعورية.

 ثم تأكد له أن الحالة السوية العادية للفرد لا تعرف شيئا عن مصادر الأعراض العضوية وأن هذه المصادر ترجع إلى عهد الطفولة التي يمكن تذكرها أثناء التنويم المغناطيسي، كما تبين له أن المناقشات أو التداعيات الحرة تزيل أعراض العجز وتبددها لأن الأعراض التي تلحقها الهستيريا بوظائف الأعضاء الوهمية، حيث أنها تظهر على الشخص وكأنه مريض بأعصابه لكنه في الواقع مريض مرضا، وليست لها أية أسباب عضوية، غير أن ما لفت الانتباه أكثر إلى هذا الأمر هو حالة أولئك الجنود الأصحاء الذين كانوا يصابون فجأة بالعمى أو الصم أو الشلل نتيجة دوي القنابل دون أية إصابة حقيقية في أعضائهم وقد فسر فرويد هذه الظاهرة بعوامل نفسية ذات تأثير عضوي يمكن تطبيقها على أي تأثير يقع على أعضاء الكائن الحي بفعل مشاعره وآرائه، ومادامت هذه العوامل نفسية فإن علاجها يكون عن طريق الجهاد النفسي المؤثر في الأعضاء، وبعدما تأكد لفرويد نجاح التداعي الحر، ذهب يطلب من مرضاه أن يطلقوا العنان لأفكارهم تسترسل من تلقاء نفسها دون قيد أو شرط ودون توجيه، كما كان يطلب منهم أن يدلوا بكل كلمة تخطر ببالهم، من أفكار وذكريات ومشاعر دون إخفاء أي شيء حتى ولو بدا لا أخلاقيا أو تافها.

وباستخدام طريقة التداعي الحر اتضح لفرويد أن الأسباب التي كانت تجعل تذكر التجارب الشخصية أمرا صعبا فهي مؤلمة أو مزعجة وهذا هو سبب نسيانها وسبب الصعوبة في استرجاعها إلى الذاكرة، لذلك كان لابد من التغلب على المقاومة الشديدة التي يتولد عنها الكبت والتي تقف ضد ظهور هذه الذكريات في الشعور، فكبت هذه الرغبات والميول يجعلها تتحول عن طريقها الطبيعي وتتخذ لها منفذا من خلال طرائق شاذة غير طبيعية، هي الأعراض الهستيرية لذلك كان فرويد يلجأ إلى العلاج الكلامي أو إلى التنفيس، لأن سبر الغور هذا ما هو إلا عملية تطهير ووسيلة لاستخراج الموانع في نظام فرويد والكبت بالنسبة له يحدث نتيجة صراع بين رغبتين متضادتين، وهنا يفرق فرويد بين الصراع الذي يدور في ساحة الشعور والذي ينتهي بحكم النفس لصالح إحدى الرغبتين عن الشعور وكبتها دون استخدام الفكر في هذا الصراع مما يجعل هذه الرغبة المكبوتة تدخل في حياة شاذة في اللاشعور وتظل محتفظة بقوتها باحثة عن منفذ لإطلاق طاقتها المحبوسة، وعليه، لا تكون مهمة الطبيب في التنفيس عن الرغبات المكبوتة لإعادتها إلى الشعور مرة أخرى بل في جعل المريض يواجه الصراع من جديد بطريقة شعورية وإزالة هذا الصراع الذي فشل في إزالته سابقا وذلك بإصدار حكم تحت توجيه الطبيب، وقد سمى فرويد هذه الطريقة بالتحليل النفسي التي تتغلب على الكبت أو على الرقيب الذي يمنع استرجاع عودة الذكريات إلى الشعور.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

 
 
Blogger Templates