Social Icons

هيدجر وأشكالية مفهوم الوجود

في مؤلفه – الوجود والزمن – يسعى مارتن هيدجر ، المؤسس الحقيقي للوجودية بعد هسرل ، إلى البحث عن مفهوم الوجود من خلال إعادة تأسيس الميتافيزيقيا ، لكشف فلسفة الوجود وليس لأنشاء فلسفة للوجود ، لذلك بحث عن الأنطولوجيا الكامنة المستترة أو التي كما هي أو التي من المفروض أن تكون على شاكلة معينة حسب التصور الهيدجري الفلسفي العام – الوجودية - ، ولم يبحث عن إنشاء أنطولوجية تأليفية تركيبية .
في هذا الكتاب ، أكترث هيدجر بمسألة غير واضحة لأول وهلة ، وأرتبك في التمايز ما بين الوجود لذاته ، والوجود في ذاته . لكن نحن نعتقد ، لدى الدراسة المتمعنة في مجمل مؤلفاته ، إنه أقرب فلسفياُ إلى الوجود لذاته الذي يتناسب أكثر أيضاُ مع الفلسفة المتعالية الترانسندنتالية . فدعونا نأخذ المعطيات بروية :
أولاُ : هيدجر يدرك ، تمام الأدراك ، نقطة الأنطلاق لديه ويضعها ويرستقها بالضبط في الموقع الذي تستحقه . وحينما يتسائل ويصوغ الحيثيات على صيغة أسئلة محددة ، فأنه على دراية أكيدة بالمسوغات الجوهرية المحركة لخلفيتها ، ويسترسل في فرضياتها لتبدو في النهاية أكثر أنسجاماُ مع المشروع العام .
ثانياُ : هيدجر يدرك إن معظم الفلاسفة الذين سبقوه – سيما أرسطو – قد عالجوا مفهوم الوجود من خلال محتوى الموجود ، فحينما تحدثوا عن الميتافيزيقيا – الوجود – قصدوا الفيزيقيا – الموجود – فأختلف لديهم مستوى المحمول والموضوع ، وأرتبكت ، حسب هيدجر ، مصادر ومخططات موضوعات الطبيعة . فالفيزيقيا التي هي الموجود الحاصل بالفعل – لأنه الموجود وليس لأنه موجود – لايمكن أن تكون موضوعة للميتافيزيقيا التي من المفروض أن تعالج مفهوم ماورائي لأساس المشكلة برمتها ، أي تحديداُ مفهوم ، محتوى ، وطبيعة الوجود .
هنا ، نحن ندرك إننا إزاء ورطة لغوية تعبيرية ، لأن الموجود الهيدجري هو موجودي وليس وجودي ، كما أن وجوده هو وجودي وليس موجودي ، وهذه هي النقطة الأستراتيجية الرائعة التي تحتضن تصوره . ولتبيان ذلك نقول إن الميتافيزيقيا لدى أرسطو هي الفيزيقيا لدى هيدجر ، والوجود لدى هيدجر هو – الميتاوجود – المفترض لدى أرسطو .
ثالثاُ : وعندما يتساءل هيدجر عن الشيء الذي يجعل الموجود موجوداُ ، فيؤكد مضطراُ إنه الوجود الذي يمنح الموجود موجوديته دون أن يمنح نفسه – موجوديته – وكأن الميتافيزيقيا تخلق الفيزيقيا دون أن تسمح لنفسها بالقفز إلى الوجود الأرسطوي أو الميتاوجود الهيدجري ، رغم أنه تارة يؤكد إن الفيزيقيا هي الموجود الذي مازال موجوداُ بما هو كذلك من ذاته ويجعل وجوده حاضراُ . وكأن اللاحضور – الغياب – يدفع بالحضور إلى الحضور دون أن يتمكن هو بالقفز إلى الحضور ..
رابعاُ : وحينما يقيم هيدجر هذه القطعية الأبدية ، يحتسبها من جانب واحد منسجم مع نقطة الأنطلاق ، ومتوازي مع جوهر تصوره العام ، فالقطيعة التي لايمكن أن تكون من جانب – الموجود – الذي هو حضور عيني وليس حضوراُ فلسفياُ ، كما توهم الكثيرون ، هي من جانب – الوجود – الذي هو قبل كل شيء حضور فلسفي ، لذلك يفارق هيدجر عن قصد وبدراية كاملة ما بين الأنطولوجيا والأونطيقي ( الفرق الأنطولوجي ) ، وكأنه يفارق ما بين رؤيا هيجل – تصور محض – ورؤيا توماس الأكويني – فعل صرف - ، فالأنطولوجيا هي الوجود وما ورائيته ولاحضوره ، والأونطيقي هو الموجود وأمتلاؤه وحضوره وهمومه وآلامه وكبده وربما أغترابه ..
خامساٌ : وإن ما يعزز مضمون الفقرة الرابعة ، هو أن هيدجر يوضح حالة ، في الحقيقة أفتراضية ، ويزعم أن الوجود إذا ما أصبح – موجوداُ – لسبب ما ، أصبح موجوداُ بالفعل ، وأنتفى أن يكون – وجوداُ - ، وهذه الحالة وأن كانت أفتراضية إلا أنها تدلل على ذهنية هيدجر ، التي هي بالأساس متهمة بالغموض والأرتباك ، وتشير إلى مرجعية تصوره الفلسفي ، سيما وإن الحالة العكسية مرفوضة بالأساس ، أي الأنتقال من الموجود إلى الوجود . وربما لهذا السبب تحديداُ ، يستمر هيدجر في التأكيد ( لماذا كان ثمة موجود ، ولم يكن بالأحرى لاشيء ؟ وهذا ما يجبرنا على تصويغ السؤال الأول ، ماذا عن الوجود ؟ ) .
سادساُ : الوجود الهيدجري هو ما هو كائن وليس ما هو يكون ، فالصيرورة كميكانيزم للتحول والتطور أو التفاعل أو الغثيان الرأسمالي تخص الموجود ولاتتعرف أبداُ إلى الوجود ، بل هي لاتعرفه أصلاُ ، وكأننا إزاء معادلة ، الوجود هو الوجود ، والموجود هو الموجود ، مع مراعاة إن الثاني هو ما قبل الأول ، والأول هو ماوراء ذاته . لذلك يحق لنا التأكيد إن الصيرورة ليست عملية أو رؤيا فلسفية في فلسفة هيدجر . وهذا ما يفضي بنا إلى النقطة السابعة والثامنة والتاسعة .
سابعاُ : فيما يتعلق بالسلب والإيجاب ، يغدوان مفهومان خاصان بالموجود والوجود والعلاقة فيما بينهما ، فالموجود الذي يحجب الوجود يمثل عامل السلب في التصور الهيدجري ، والوجود الذي بفضله ينكشف الموجود يمثل عامل الإيجاب فيه .
ثامناُ : إن التقويض أو التحطيم الهيدجري ، هو في الحقيقة بناء يجسد عاملاُ إيجابياُ هدفه إعادة الحياة إلى الميتافيزيقيا ، أي مصالحة الوجود مع الوجود ، وإعادة الأول إلى الثاني الذي ليس إلا الأول نفسه ، وكأن الميتافيزيقيا ألغت الوجودية من الوجود ومنحتها للموجود ، وحان آوان أن يسترد الوجود ميتافيزياقيته ، ليترك الفيزيقيا للموجود .
في مؤلفه – الوجود والزمن – يسعى مارتن هيدجر، المؤسس الحقيقي للوجودية بعد هسرل، إلى البحث عن مفهوم الوجود من خلال إعادة تأسيس الميتافيزيقيا، لكشف فلسفة الوجود وليس لأنشاء فلسفة للوجود، لذلك بحث عن الأنطولوجيا الكامنة المستترة أو التي كما هي أو التي من المفروض أن تكون على شاكلة معينة حسب التصور الهيدجري الفلسفي العام – الوجودية -، ولم يبحث عن إنشاء أنطولوجية تأليفية تركيبية.

في هذا الكتاب، أكترث هيدجر بمسألة غير واضحة لأول وهلة، وأرتبك في التمايز ما بين الوجود لذاته، والوجود في ذاته. لكن نحن نعتقد، لدى الدراسة المتمعنة في مجمل مؤلفاته، إنه أقرب فلسفياُ إلى الوجود لذاته الذي يتناسب أكثر أيضاُ مع الفلسفة المتعالية الترانسندنتالية. فدعونا نأخذ المعطيات بروية:
أولاُ : هيدجر يدرك، تمام الأدراك، نقطة الأنطلاق لديه ويضعها ويرستقها بالضبط في الموقع الذي تستحقه. وحينما يتسائل ويصوغ الحيثيات على صيغة أسئلة محددة، فأنه على دراية أكيدة بالمسوغات الجوهرية المحركة لخلفيتها، ويسترسل في فرضياتها لتبدو في النهاية أكثر أنسجاماُ مع المشروع العام.

ثانياُ : هيدجر يدرك إن معظم الفلاسفة الذين سبقوه – سيما أرسطو – قد عالجوا مفهوم الوجود من خلال محتوى الموجود، فحينما تحدثوا عن الميتافيزيقيا – الوجود – قصدوا الفيزيقيا – الموجود – فأختلف لديهم مستوى المحمول والموضوع، وأرتبكت، حسب هيدجر، مصادر ومخططات موضوعات الطبيعة. فالفيزيقيا التي هي الموجود الحاصل بالفعل – لأنه الموجود وليس لأنه موجود – لايمكن أن تكون موضوعة للميتافيزيقيا التي من المفروض أن تعالج مفهوم ماورائي لأساس المشكلة برمتها، أي تحديداُ مفهوم، محتوى، وطبيعة الوجود.

هنا، نحن ندرك إننا إزاء ورطة لغوية تعبيرية، لأن الموجود الهيدجري هو موجودي وليس وجودي، كما أن وجوده هو وجودي وليس موجودي، وهذه هي النقطة الأستراتيجية الرائعة التي تحتضن تصوره. ولتبيان ذلك نقول إن الميتافيزيقيا لدى أرسطو هي الفيزيقيا لدى هيدجر، والوجود لدى هيدجر هو – الميتاوجود – المفترض لدى أرسطو.
ثالثاُ : وعندما يتساءل هيدجر عن الشيء الذي يجعل الموجود موجوداُ، فيؤكد مضطراُ إنه الوجود الذي يمنح الموجود موجوديته دون أن يمنح نفسه – موجوديته – وكأن الميتافيزيقيا تخلق الفيزيقيا دون أن تسمح لنفسها بالقفز إلى الوجود الأرسطوي أو الميتاوجود الهيدجري، رغم أنه تارة يؤكد إن الفيزيقيا هي الموجود الذي مازال موجوداُ بما هو كذلك من ذاته ويجعل وجوده حاضراُ. وكأن اللاحضور – الغياب – يدفع بالحضور إلى الحضور دون أن يتمكن هو بالقفز إلى الحضور..

رابعاُ : وحينما يقيم هيدجر هذه القطعية الأبدية، يحتسبها من جانب واحد منسجم مع نقطة الأنطلاق، ومتوازي مع جوهر تصوره العام، فالقطيعة التي لايمكن أن تكون من جانب – الموجود – الذي هو حضور عيني وليس حضوراُ فلسفياُ، كما توهم الكثيرون، هي من جانب – الوجود – الذي هو قبل كل شيء حضور فلسفي، لذلك يفارق هيدجر عن قصد وبدراية كاملة ما بين الأنطولوجيا والأونطيقي ( الفرق الأنطولوجي )، وكأنه يفارق ما بين رؤيا هيجل – تصور محض – ورؤيا توماس الأكويني – فعل صرف -، فالأنطولوجيا هي الوجود وما ورائيته ولاحضوره، والأونطيقي هو الموجود وأمتلاؤه وحضوره وهمومه وآلامه وكبده وربما أغترابه..

خامساٌ : وإن ما يعزز مضمون الفقرة الرابعة، هو أن هيدجر يوضح حالة، في الحقيقة أفتراضية، ويزعم أن الوجود إذا ما أصبح – موجوداُ – لسبب ما، أصبح موجوداُ بالفعل، وأنتفى أن يكون – وجوداُ -، وهذه الحالة وأن كانت أفتراضية إلا أنها تدلل على ذهنية هيدجر، التي هي بالأساس متهمة بالغموض والأرتباك، وتشير إلى مرجعية تصوره الفلسفي، سيما وإن الحالة العكسية مرفوضة بالأساس، أي الأنتقال من الموجود إلى الوجود. وربما لهذا السبب تحديداُ، يستمر هيدجر في التأكيد ( لماذا كان ثمة موجود، ولم يكن بالأحرى لاشيء؟ وهذا ما يجبرنا على تصويغ السؤال الأول، ماذا عن الوجود؟ ).

سادساُ : الوجود الهيدجري هو ما هو كائن وليس ما هو يكون، فالصيرورة كميكانيزم للتحول والتطور أو التفاعل أو الغثيان الرأسمالي تخص الموجود ولاتتعرف أبداُ إلى الوجود، بل هي لاتعرفه أصلاُ، وكأننا إزاء معادلة، الوجود هو الوجود، والموجود هو الموجود، مع مراعاة إن الثاني هو ما قبل الأول، والأول هو ماوراء ذاته. لذلك يحق لنا التأكيد إن الصيرورة ليست عملية أو رؤيا فلسفية في فلسفة هيدجر. وهذا ما يفضي بنا إلى النقطة السابعة والثامنة والتاسعة.

سابعاُ : فيما يتعلق بالسلب والإيجاب، يغدوان مفهومان خاصان بالموجود والوجود والعلاقة فيما بينهما، فالموجود الذي يحجب الوجود يمثل عامل السلب في التصور الهيدجري، والوجود الذي بفضله ينكشف الموجود يمثل عامل الإيجاب فيه.

ثامناُ : إن التقويض أو التحطيم الهيدجري، هو في الحقيقة بناء يجسد عاملاُ إيجابياُ هدفه إعادة الحياة إلى الميتافيزيقيا، أي مصالحة الوجود مع الوجود، وإعادة الأول إلى الثاني الذي ليس إلا الأول نفسه، وكأن الميتافيزيقيا ألغت الوجودية من الوجود ومنحتها للموجود، وحان آوان أن يسترد الوجود ميتافيزياقيته، ليترك الفيزيقيا للموجود. - See more at: http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/12/702152.html#sthash.NQx7DzYc.dpuf

1 commentaire:

 
 
Blogger Templates